Face the facts as early as you can,to avoid the deadly shock

--------------------------------------------------------

الخميس، 11 فبراير 2010

My Arabic Book -part 1

إنهيار الحضارة و الفجر الجديد

مقدمة
أى بناء معرض للهدم والدمار,والحضارة هى بناء,وهى بالتالى معرضة لنفس الخطر,..والحضارة الحديثة ليست إستثناء من ذلك,......
قد تكون هذة الفكرة مخيفة ,ولكن يجب ألا يجعلنا ذلك نعجز عن مواجهة الحقيقة مهما كانت غير محببة,فالتفكير السليم هو الطريق الوحيد للتصرف السليم,
أما الهروب من الفكرة فقد يريح الإنسان مؤقتاً ولكنه سيزيد صعوبة المشكلة.
الجانب الإيجابى فى موضوع إنهيار الحضارة يكمن فى حقيقة أن هناك إستمرار للحياة بعد حدوث الإنهيار,ويجب على الإنسان أن يحاول الصمود والبقاء,..
وهناك أدلة على أن المجتمع الذى سيعقب الإنهيار,سيتوافر فيه قدر كبير من الميزات المعنوية,بقدر ما سيواجه من عجز فى السلع والخدمات التقليدية.
الوسيلة لتحقيق النجاح فى هذا الهدف تعتمد على الفهم الدقيق للخطر الذى نواجهه,لهذا أكتب هذا الكتاب,حتى يعين القارىء على فهم الخطر وبالتالى مواجهته
بشكل سليم.
وأريد من البداية أن أوضح نقطة هامة,..فسوف أستخدم فى هذا الكتاب,الكثير من التشبيهات,..من أهمها تشبيه الحضارة بالبناء,...وينتقد الكثيرين هذا المنهج,..
ولكن,مع إعترافى بعدم التطابق الكامل بين المشبه والمشبه به فى معظم الأحوال,إلا أننى مؤمن بوجود درجة كبيرة جداً من الترابط بين الظواهر المختلفة والعلوم المختلفة تبرر إستخدام هذا المنهج,والإستفادة بما يحققه من تبسيط وإيضاح قوى لأصعب الأفكار.
فى الجزء الأول سيتم عرض الأفكار الأساسية بشكل مختصر ومبسط,...وفى الأجزاء التالية سيتم تناول الكثير من الأفكار المذكورة فى الجزء الأول بمزيد من التعمق والتحليل.
ملحوظة: بدأت كتابة هذا الكتاب مع بداية عام 2009,..ونظراً للسرعة الشديدة للأحداث فى الوقت الراهن فسوف أخصص الجزء الأخير من الكتاب للتعليق على
الأحداث الهامة التى ستكون قد إستجدت خلال كتابته.

الجزء الأول

1) الأزمة الإقتصادية الحالية كإختبار لمدى متانة البناء الحضارى
عندما يحدث زلزال فى منطقة ما فإن بعض الأبنية تنهار وبعضها الآخر يصمد,...من الواضح أن الشىء الذى سيحدد أى من الأبنية سينهار وأيها سيصمد هو مدى متانة هذا البناء, لذلك فيمكننا إعتبار أن الزلزال هو إختبار لمدى متانة البناء.
هكذا الحال فى الزلزال الإقتصادى الذى يعيشة العالم حالياً,..فهو إختبار لمدى متانة البناء الحضارى كله,....فلو كان البناء الحضارى الحالى قوياً فإن العالم سيتجاوز الأزمة ويخرج منها بسلام,...أما لو كان البناء ضعيفاً فإن الزلزال سوف يسقطه.
فهل ننتظر حتى نعرف النتيجة؟؟!
بالتأكيد لن يكون ذلك من الحكمة,....العقلاء لا ينتظرون الزلازل لكى يختبروا قوة ومتانة بيوتهم,بل يستخدمون ما توفر لهم من العلم والمعرفة لإختبار مدى متانة هذة البيوت.
للأسف لا تتوفر معلومات كثيرة عن كيفية إختبار مدى متانة الحضارات!
ولكن باب الإجتهاد مفتوح,وعلى الإنسان أن يكون مبدعاً خصوصاً فى أوقات الصعوبات,....يمكن إذاً أن نبتكر بعض الأفكار التى قد تساعدنا على تحديد مدى متانة البناء الحضارى الحالى,فإذا إكتشفنا ضعف البناء وبالتالى إحتمال سقوطه خلال الزلزال الإقتصادى الحالى فعلينا أن نضع الخطط لمواجهة هذا المصير.
2)هل الأزمة عرضية أم هى فى سياق راسخ من التدهور؟؟
إذا تعرض شخص لمرض ما فإن هذا المرض قد يكون عرضياً,أى حدث نتيجة بعض الظروف الإستثنائية وبالتالى يسهل الشفاء منه حيث تكون الحالة الصحية
العامة جيدة,...ولكن قد يأتى المرض نتيجة بدء التدهور العام فى صحة الإنسان,والمثل الواضح لذلك هو أمراض الشيخوخة.
فهل الأزمة الإقتصادية الحالية هى مرض عارض أم من أمراض شيخوخة الحضارة؟؟
المرض العارض لا يمكن لأحد أن يتوقعه مقدماً,...فهو يفاجىء الجميع,....ولكن المتابع للكتابات العالمية خلال السنوات الماضية يرى بوضوح أن كثيرين قد
توقعوا حدوث هذا الإنهيار الإقتصادى العالمى, وكان توقعهم بناءً على أدلة قوية,منها مثلاً تقلص موارد الطاقة وأهمها النفط , وهذا أدى فعلاً إلى تزايد كبير فى
سعر النفط وعدم الإطمئنان إلى إستمرار تدفق الإنتاج بشكل كافى فى المستقبل,وهو ما كان له أثر كبير فى تفاقم الأزمة الإقتصادية الحالية,والشى الخطير هنا هو أن الكثيرين الآن يرون أن هذا العجز فى موارد الطاقة هو عجز دائم,وأن المصادر البديلة غير عملية وغير كافية ولن تأتى فى الوقت المناسب.
كما أن المرض العارض لا تسبقه متاعب صحية متكررة,....فماذا كانت حالة الحضارة خلال السنوات الماضية؟؟
لن يختلف الكثيرين حول حقيقة أن المشكلات كانت عديدة,...لقد تكاثرت الأزمات سواء كانت إقتصادية أو سياسية أو إجتماعية فى العالم خلال السنوات الماضية,فيما يشبه تكاثر الأمراض على الإنسان فى مرحلة الشيخوخة,...وهو ما يثبت أن الأزمة الحالية تأتى فى سياق راسخ من الأزمات المتلاحقة.
أيضاً,....فإن من الأسباب الرئيسية للأزمة الإقتصادية الحالية حدوث هبوط شديد فى أسعار العقارات فى الولايات المتحدة وتضخم الديون هناك,....فهل هذة الحالة عرضية؟؟
لكى نعرف ذلك يجب أن نفهم أسباب حدوث التضخم فى أسعار العقارات وحجم الديون........
فى ظروف يسودها الخطر وعدم الأمان لا يمكن أن يعمل أصحاب الأعمال إلا فى وجود دافع قوى من الربحية العالية,وكلما زاد الخطر زاد معه هامش الربح المطلوب لكى يدفع الناس إلى الإستثمار والعمل,....هذا هو السبب الذى جعل الحكومات تتغاضى عن العمليات عالية المخاطرة التى إنتشرت بكثرة فى السنوات الأخيرة وأدت فى النهاية إلى إنهيار أسعار العقارات وفقاعة الديون,فهذا النوع من العمليات هو الذى يوفر هامش الربح العالى جداً اللازم لإستمرار الأعمال فى
ظل أجواء عدم الأمان,......والان لو قامت الحكومات بمنع هذة العمليات لكى توقف أسباب الأزمة فإن الأعمال لن تجد الدافع للإستثمار وبالتالى يتعمق الكساد.
ويلاحظ أن عدم توفر موارد رخيصة للطاقة يزيد تكلفة الإنتاج فتتقلص الربحية أكثروبالتالى يتعمق الكساد أكثر.
3)عودة إلى التاريخ
الأدلة السابقة ترجح خطورة الموقف الحالى,وهذا يستدعى المزيد من التعمق فى البحث,...لذلك نعود إلى التاريخ لنقييم الموقف بشكل أكثر عمقاً.
لقد صعدت الحضارة الحديثة بشكل سريع جداً,..وتزايدت سرعة هذا الصعود بشكل هائل فى العقود الأخيرة من القرن العشرين حتى بلغت الحضارة إرتفاع
لم يسبق له مثيل,بل ولا يمكن مقارنته بالمستويات التى بلغتها جميع الحضارات السابقة.
وكثيراً ما أسمع نقد لحقيقة التفوق الساحق للحضارة الحديثة,..فالبعض يدعى بأن بعض الحضارات السابقة كان لها تراث سرى من الإنجازات التكنولوجية
مكنها من إنجاز بعض الإعمال المثيرة للإبهار والإعجاب,مثل بناء الأهرامات,.....ولكن هذة الإفتراضات لا تدعمها فى الواقع أى أدلة علمية قوية,..بالإضافة إلى
أنها تتناقض مع المنطق العلمى السليم,..حيث لا يمكن الوصول إلى مستويات تكنولوجية معينة دون المرور عبر مراحل علمية معينة,لا يمكن تصور أن إحدى الحضارات القديمة قد مرت بها دون أن تترك آثار واضحة لذلك.
والبعض الآخر يدعى بأنه لا يمكن وضع معايير محددة نقيس بها إرتفاع الحضارات,..وهذا الفكر شائع جداً بين المثقفين هذة الأيام,..وهو يعتمد على فكر ما يسمى بما بعد الحداثة,..ويقوم هذا الفكر على إستعارة نظريات من الفيزياء الحديثة مثل نظرية النسبية ومبدأ عدم اليقين فى نظرية الكوانتام,..وتعميمها بشكل مجحف,وتطبيقها فى غير محلها تماماً,...وبالتأكيد فإن وضع معايير محددة لقياس إرتفاع الحضارات هو أمر صعب و فيه آراء مختلفة,..ولكن القول بعدم إمكانية وضع هذة المعايير من حيث المبدأ,هو قول يناقض أسس التفكير العلمى.
فإذا إتفقنا من حيث المبدأ على وجود تفوق كبير للحضارة الحديثة على كل الحضارات السابقة,فإننا يمكن أن نشبهها ببناء شاهق الإرتفاع.
وعند التأمل فى هذا البناء الشاهق نصل إلى نتيجة هامة,هى أن قوة الأساس المطلوبة لبناء برج شاهق الإرتفاع يجب أن تكون أقوى بكثير من قوة الأساس
المطلوبة لبناء مبنى متوسط الإرتفاع,...فهذا الإرتفاع الشاهق للحضارة الحديثة,بقدر ما يحمل من الإبهار والفخر,يحمل أيضاً الشعوربالخوف وعدم الإستقرار.
وكما يقول المثل: الأحتفاظ بالقمة أصعب من الوصول إليها,...فإن تحقيق الإستقرار يكون صعب جداً عندما تكون على إرتفاع كبير,..وهذا أمر منطقى تماماً,
فمع العدد الكبير لسكان العالم الان نحتاج إلى إنتاج ضخم للحفاظ على مستوى المعيشة,مع ملاحظة أن الإنسان فى العصر الحديث لم يعد يقنع بمستوىبسيط من الإستهلاك, فكل فرد الان يستهلك أضعاف ما كان يستهلكة الفرد فى القرون السابقة,بل يصل الأمر إلى أن الإنسان حالياً لا يستطيع القبول بثبات مستوى معيشته,
فهويحتاج إلى إستمرار تزايد هذا المستوى,ذلك لأن الحياة فى ظل الأخطار الكبيرة وعدم الإستقرار تحتاج إلى حافز أكبر,..وهذا يشبه تماماً ما ذكرناه عن إحتياج
الأعمال إلى هامش ربح عالى جداً لكى يستمرون فى العمل فى ظل أجواء الخطر المتزايدة.
فإذا كان الكثيرون ينتقدون النزعة الإستهلاكيةعند الإنسان فى العصر الحديث,وينتقدون ما يسمونه بجشع رجال الأعمال,وإعتبار ذلك السبب الرئيسى للأزمة
الإقتصادية العالمية الحالية,فيجب عليهم عدم التمسك بشعارات مثالية على حساب التحليل الواقعى والعلمى للأمور,...ويجب عليهم الإجابة على السؤال التالى:
لو كان السبب وراء النزعة الإستهلاكية عند الأفراد والجشع عند المستثمرين هو حقاً أجواء الخطر المتزايدة فى العالم,كما سبق أن أوضحت,...ألن يتسبب
إيقاف هذة الحوافز الضرورية إلى التوقف عن العمل(وهو التعريف البسيط للكساد)؟؟
قد يرى البعض إماكن إستبدال هذا الحافز بحافز أيديولوجى معين,....ولكن,حتى لو كان هذا ممكن,فإنه يحتاج إلى وقت طويل ووسائل صعبة لتحقيقه,وهو ما لا يتوفر لدينا الآن.
4)أخطر من الحرب الباردة
من السهل إثبات أن أجواء الخطر قد زادت على مستوى العالم بعد إختراع القنبلة النووية,ثم الصواريخ العابرة للقارات,مثلما زادت قبل ذلك عند إختراع المتفجرات, فمهما كانت خطورة الأجواء أيام الحرب العالمية الأولى ثم الثانية فإن أحد لم تكن يتصور أن العالم يمكن أن يدمر بالكامل فى لحظات,
ورغم أن الحرب النووية لم تنفجر فإن شعور الإنسان بالأمان فى الخمسينات والستينات من القرن العشرين كان أقل من شعور الإنسان بالأمان حتى فى ذروة الحرب العالمية الثانية.
أجواء الخطر إذا هى فى تزايد مع مرور الزمن وإرتفاع الحضارة,ويتدهور معها شعور الإنسان بالأمان والإستقرار.
ولكن ليس من السهل إثبات أن أجواء الخطر فى العالم قد إستمرت فى التزايد بعد نهاية الحرب الباردة,....لذلك يجب تفصيل شرح هذة النقطة.
أيام الحرب الباردة كان دمار العالم مرهون بحدوث حدث معين,وهو حدوث سوء تفاهم أوسوء حسابات بين القوى العظمى,...أى أن الأصل كان إستمرار العالم,
...إلا إذا حدث شىء معين,..فيحدث دمار العالم,.....أما الان فالأصل هو أن العالم ذاهب إلى الخراب,لأن معدل إستهلاك موارد الكوكب سوف يؤدى إلى ذلك,....
إلا إذا حدث شىء معين,...وهو ظهور الكثير من الإختراعات الجديدة وفى الوقت المناسب(قبل أن يبدأ الدمار),التى يمكن أن تعوض موارد الطاقة الناضبة وتحافظ على درجة حرارة الكوكب,وغير ذلك,
....الحالة الان إذا هى أن بقاء الحضارة(وليس دمار الحضارة),هو الذى أصبح مرهون على حدوث حدث معين,....وهذا الوضع,أخطر بكثير من السابق.
لقد ذكرنا أن درجة الخطر تتزايد كلما إرتفعت قامة الحضارة لأن البناء الشاهق يحتاج إلى أساس قوى جداً حتى يتحقق له الإستقرار والأمان,..فهل كان فى الإمكن حقاً بناء هذا الأساس القوى قبل بلوغ هذا الإرتفاع؟؟ وهل يمكن إرجاع ضعف الأساس إلى مجرد الإهمال أو عدم الوعى؟؟ أم أن هناك أسباب عميقة
أجبرتنا على ذلك؟؟...سوف نناقش هذة النقطة الصعبة فى أجزاء تالية من هذا الكتاب.
5)ثغرات فى الأساس و شروخ فى البناء
ليس فقط الإرتفاع الشاهق للحضارة هو المصدر الوحيد للقلق,...فالسرعة الشديدة التى تم بها البناء توحى بإحتمال ترك ثغرات فى أساس هذا البناء.
فالصعود بشكل سريع جداً هو ما يسميه الإقتصاديين بالفقاعة,ويعلم الإقتصاديون خطورة الفقاعة عند إنهيارها,...
فهل الحضارة الحديثة,نتيجة صعودها السريع جداً,يمكن إعتبارها فقاعة هائلة؟؟!
هناك مظاهر عديدة ومخيفة للثغرات الموجودة فى أساس البناء الحضارى الحالى,فمثلاً عندما نجد معظم التقدم العلمى قد تم فى مجالات العلوم البحتة وخصوصاً
التطبيقية منها,بينما نجد حالة العلوم الإنسانية والعلوم الأساسية مازالت متخلفة جداً,..ويتجلى هذا الضعف فى الخلافات العقائدية والأيديولوجية التى قد تصل إلى حد ألإقتتال.
ومن أكثر الثغرات أهمية أيضاً,إهمال الحفاظ على بيئة الكوكب وإستنفاد موارده بشكل بالغ الرعونة,بدون ضمان حقيقى لوجود بدائل عملية تعوض ذلك,...
وتأتى قضية إستنفاد موارد الطاقة على رأس قائمة هذا الموارد,وعلى رأس قائمة موارد الطاقة ياتى النفط.
كما أن الفارق الكبير فى مستويات المعيشة بين الأفراد,سواء على مستوى الدولة الواحدة أو على مستوى الدول المختلفة هو أحد مظاهر الهشاشة فى البناء الحضارى الحالى,والذى ترتب على الصعود السريع جداً للحضارة الحديثة,....والأخطر منه هو التفاوت الكبير فى مستويات التعليم والثقافة بين الافراد,...فالبناء القوى يجب أن يكون متجانس إلى حد كبير,..وعدم التجانس فى البناء هو فى الواقع شرخ كبير فى هذة الحضارة,..
والتجانس بين أجزاء البناء المختلفة لا يعنى التطابق وعدم التنوع,فهناك فارق منطقى بين عدم التجانس الخطر,والتنوع المفيد الذى يمنح المجتمع المرونة المطلوبة ويمنع تصلبه.
6)المقارنة بين الزمن اللازم للبناء والزمن اللازم للإنهيار
لو إفترضنا فعلاً أن الحضارة الحالية عاجزة عن الإستقرار لفترة زمنية معقولة فى هذا الإرتفع الشاهق فى ظل هذا الأساس الضعيف,وبالتالى فإن إنهيارها
سوف يبدأ عاجلاً وليس اجلاً,....فكم هو مقدار الزمن الذى من المتوقع أن تتم فيه عملية الإنهيار؟؟(السؤال هنا ليس عن الوقت الذى ستبدأ فيه عملية الإنهيار بل عن الزمن الذى سوف تستغرقه عملية الإنهيار حتى تكتمل تماماً).
إذا صعدنا جبل بسيارة,فإننا نستغرق فى ذلك وقت أطول بوضوح من الوقت الذى سوف تستغرقه رحلة النزول,..علماً بأننا طوال رحلة النزول كنا نبذل جهد كبير التقليل من سرعتنا,بينما كنا نبذل الجهد لزيادة السرعة أثناء رحلة الصعود,....هذا الفارق الكبير بين زمن البناء أو الصعود وزمن الهدم او السقوط يتجلى أمامنا
كل يوم,فى كل جوانب حياتنا,....فمثلاً لو تم شد زمبرك,أو نفخ بالون,فإن هذة العملية ستحتاج إلى وقت أطول بكثير من الوقت الذى سيتم فيه عودة الزمبرك إلى حالتة الأولى أوتفريغ البالون من الهواء.
هناك منطق قوى يفيد بأن الزمن الذى يستغرقه بناء أى شىء هو أطول بكثير من الزمن الذى تستغرقه عملية إنهيار هذا الشىء,....
فعملية البناء تسير فى مسار محدد,وأى إنحراف عن هذا المسار يحدث أثناء العملبة يجب أن يتم تعديله وأعادة الحركة إلى المسار المناسب,..وكل هذا يأخذ قدر
من الوقت,....أما عمليه الإنهيار فيمكن أن تتم بطرق عديدة جداً بل شبه لا نهائية,فلا يوجد مسار يجب الإلتزام به وإعادة الحركة إليه كلما حاد عنها.
وسوف نجد عندما نعود لتناول هذة الفكرة بشكل أعمق فى الأجزاء التالية من الكتاب,أن علاقة عدم التناسب هذة,بين زمن البناء وزمن الإنهيار,تزداد بشدة كلما زاد إرتفاع البناء,وكلما إفتقد الأساس القوى,كنتيجة غالباً للسرعة الشديدة فى صعوده.
فإذا قبلنا هذا المنطق,ونظرنا إلى الزمن القصير الذى تمت فيه عملية البناء,فإننا ندرك فوراً أن إنهيار الحضارة الحالية سيتم بسرعة فائقة.
7)حجم الدمار
إن إكتمال عملية الإنهيار فى زمن قصير جداً هى نتيجة خطيرة للغاية,...فهذا السرعة الفائقة ستوقف وتشل أى قدرة على التكيف مع الظروف المستجدة,
حيث أن عملية التكيف تحتاج بطبيعتها إلى قدر مناسب من الوقت,.....وإذا حدث هذا الشلل لعملية التكيف فإن هذا معناه إستمرار تعمق الإنهيارحتى يأتى على
البناء بالكامل,...فتكيف الإنسان الحديث مع نمط الحياة الذى كان سائداً فى العصور البدائية يحتاج إلى وقت طويل,..فلو عدنا سريعاً إلى ظروف مشابهه للظروف التى كانت سائدة خلال العصور القديمة لما إستطعنا التكيف معها مثلما كان القدماء متعايشين معها,..والنتيجة هى إستمرار الإنهيار إلى مستويات مخيفة,
نعجز بعدها عن القيام مرة أخرى,كحضارة مادية عالية.
8)الإنهيار النفسىوالعقلى
أهم عناصر التكيف المطلوب,هو التكيف النفسىوليس التكيف مع نقص السلع المادية والخدمات,...والحقيقة هى أن التكيف النفسى سيكون أهم حتى من
التكيف مع ظروف تزايد العنف,...فالصدمة النفسية المتولدة عن هذا الإنهيار السريع جداً,سوف تكون هائلة.
وسوف تتمحور الصدمة النفسية حول عدة نقاط, أهمها,فقدان فجائى للثقة فى القادة(حيث لم يحذروا الناس,سواءاً عن جهل أو عن قصد),وفقدان فجائى
للثقة فى المثقفين والعلماء و فى قوة البنية العلمية للحضارة,...كما أن كل إنسان بالغ,هو بقدرِ ما,وبشكلِ ما, قائد لعدد من الأفراد,وبالتالى سيتحمل تبعات
عدم تحذير هؤلاء الأفراد,.....وأخيراً,وهو الأهم,..فقدان الثقة فى النفس,...حيث سيظهر فشل الإنسان,أمام نفسه,فى إدراك الحقائق فى وقت مبكر.
9)الأخطار المباشرة
من المهم جدا التفرقة بين الأخطار التى سوف يواجهها الإنسان فى مجتمعِ ما,على أساس ترتيبها الزمنى,...فليس من الحكمة التركيز على خطط لوقاية الإنسان
من خطر لاحق بينما يتهدده خطر اخر مباشر,....وكما ذكرنا من قبل فإن الأخطار البعيدة نسبياً ستتوفر لها ميزة هامة جداً وهى عنصر الزمن,والذى بغيره لا يمكن أن تكون هناك أى فرصة للتكيف معها,....هذا بالإضافة إلى أن الأخطار القريبة زمنياً سيتولد عنها ظروف جديدة قد تخفف من قوة الأخطار الأبعد زمنياً,..فمثلاً إذا إنهار النشاط الصناعى العالمى بشكل كبير فإن ذلك سيخفف من خطر التغير المناخى,.....وأخيراً,فإن الأخطار المباشرة قد تقتل الإنسان,وبالتالى تصبح كل الإستعدادات لمواجهة الأخطار اللاحقة,خالية تماماً من المعنى.
إذا, فمن الأهمية القصوى محاولة تحديد أى من الأخطار سيكون الأقرب زمنياً.

10)الأخطار البعيدة تظهر أولاً !!
خلال السنوات الماضية ظهرت الكثير من الكتابات فى الغرب عن خطر التغير المناخى وإستنفاد موارد الكوكب(خصوصاً مصادر الطاقة),وكيف أنها تهدد بقاء الحضارة بشكل جاد,...ولكن بمجرد إستفحال الأزمة المالية العالمية إنتقل التركيز من الأخطار البيئية إلى الخطر الإقتصادى الذى ظهر مؤخراً,...وهذا فى الواقع أمر منطقى تماماً,...فلقد أدرك الجميع أن خطر الإنهيار الإقتصادى الشامل يمكن أن يقضى على الحضارة بشكل أسرع من الأخطار البيئية,.....
الملفت للنظر هو أن الخطر المباشر الحالى,وهو الأزمة المالية العالمية,قد ظهرت متأخرة عن ظهور الأخطار البيئية.
والواقع أن هناك تفسير منطقى لذلك,فالأخطار البيئية هى السبب العميق وراء الإنهيار الإقتصادى الحالى,..وبغيرها ما حدث.
ويمكن تصور الأمر كالاتى,....عندما يظهر خطر ما فإنه قد يشعل فتيل خطر اخر أشد منه,..وعندها يجب التركيز على الخطر الجديد الأكبر والأسرع فى التدمير.
وكما ذكرنا فى أول الحديث,فإن الخطر الذى يظهر أولاً يعتبر بمثابة زلزال يختبر متانة البناء,..فإذا كانت هناك نقاط ضعف فى هذا البناء,قام بإظهارها,...وقد تكون نقاط الضعف هذة أكثر خطورة من الخطر الأصلى,..وهو الحال بالنسبة للأزمة المالية والإقتصادية الحالية.
وهنا يثور السؤال: هل الأزمة الإقتصادية الحالية هى الخطر المباشر الذى يجب على الناس أن يضعون كل جهدهم فى التصدى له؟؟
أم أن هذة الأزمة سوف تقوم هى الأخرى بإشعال فتيل خطر جديد أشد ضراوة وأسرع فى التدمير منها؟؟
لقد بدأ بالفعل الكثير من الكتاب يحذرون من أن الإضطرابات السياسية والإجتماعية التى سوف تتولد عن الأزمة الإقتصادية,سوف تكون أسرع وأشد دماراً من
أخطار البطالة والفقر,..وهذا فى الحقيقة أمر منطقى تماماً.
11)الإنهيار النفسى هو أشد الأخطار جميعاً
يحاول كثير من الناس النظر إلى المستقبل بشكل متفائل مهما كانت الظروف صعبة فى الوقت الحالى,ويحاول البعض الاخر عدم التفكير فى المستقبل على الإطلاق,...ولكن الإنسان مهما كان محدود الثقافة,فإنه يختلف عن الحيوان فى كونه يهتم بالمستقبل(حتى لو أنكر هو ذلك),...وهو يستقى توقعاته لأحداث المستقبل,من كل ما تعلمه فى حياته,وأيضاً من متابعته للأحداث المستجدة,...وفى ظل عصر الإتصالات والمعلومات الذى نعيش فيه,من المستحيل أن يعزل الإنسان نفسه تماماً عن متابعة الأحداث المستجدة مهما بذل فى ذلك من جهد,....ومن السهل على الإنسان أن يدعى أنه متفائل مهما كانت الإحداث تدل على غير ذلك,ولكن,العبرة هى بما فى دخيلة الإنسان وليس ما يدعيه,...فالإنسان فى الحقيقة,لا يختار أن يكون متفائلاً أو متشائماً,....فتوقعات المستقبل تترسب فى عمق عقله بناءً على الأدلة المنطقية بشكل تلقائى.
وليس هناك خطر كبير على الإنسان فى مجرد أنه يتوقع وجود صعوبات شديدة فى المستقبل,..ولكن هناك خطر عظيم عليه إذا أدرك ذلك بشكل فجائى ومكثف,
فكما ذكرنا سابقاً فإن ذلك سيؤدى إلى فقدان الثقة,وبشكل فجائى, فى كل شىء.
هذة الصدمة العنيفة قد تقتل الإنسان,..وذلك,قبل أن تتحقق فى الواقع الأخطار المادية.
الحقيقة أنه من غير الحكمة,الإستخفاف بحجم وقوة الخطر الناجم عن الصدمة النفسية,..فبعد أن بلغت الحضارة هذا الإرتفاع الشاهق من العلم والوعى,أصبح لما
يترسب داخل الإنسان بشأن توقعاته المستقبلية,أثر هائل على حياته بكل أبعادها.
12)اللحظة الفاصلة
إذا تم التكاسل الآن فى محاولة تحديد مصير الحضارة وموعد إنهيارها,فإن ذلك سيؤدى حتماً إلى تلقى هذا المعلومات بعد حين,بشكل فجائى,....
فبالنسبة للأزمة المالية الحالية,على سبيل المثال,..لو كان المصير حقاً هو عدم التعافى منها أبداً,فإننا سندرك هذا المصير رغماً عنا,قبل أن تسحق العالم بالكامل,بل حتى قبل أن تستفحل بشكل شديد جدا,..وهذا الإدراك سيأتى فى لحظة فاصلة,مكثفة,...تنقلنا,من التفاؤل الشديد,إلى التشاؤم الشديد بشكل حاد وصادم,قبل أن يأتى إلينا الخطر المادى فى كامل قوته,....وفى ذلك يكمن أشد خطر.
لذلك فإن أهم إستعداد يمكن أن يقوم به الإنسان الآن هو تكثيف دراسة هذا الموضع بقدر الإمكان,..وذلك حتى تتدرج عملية تلقيه للمعلومات الحاسمة فى هذا الشأن,..أى أن يقوم بتفتييت اللحظة الحاسمة على أطول فترة زمنية ممكنة,..وبالتالى تفقد الصدمة قوتها القاتلة.
13)تزايد سرعة الإنهيار
مثلما كانت السرعة متزايدة فى مرحلة صعود الحضارة,فإننا نلاحظ الآن بوضوح أن السقوط يتم بسرعة متزايدة أيضاً,...
فكل عام من الأعوام السابقة قد أتى بصعوبات أشد من العام الذى قبله,...وهذا التزايد فى السرعة هو فى الحقيقة أمر منطقى تماماً,...
فكل مشكلة تظهر,تشعل فتيل عدة مشاكل جديدة أمامها,..والمشاكل الجديدة تقوم بنفس الشىء,..والنتيجة هى تزايد المشاكل بصورة متوالية هندسية.
والان,فإن العالم قد بلغ,فى الأشهر الأخيرة(مع الأزمة الإقتصادية),سرعة هائلة فى السقوط,,وأصبحنا نحسب سرعة التدهور بالشهور وليس بالسنوات,.....
فإذا كانت هذا السرعة العالية جداً,راسخة وليست عرضية(مثلما ذكرنا من قبل),..فكم شهر آخر,يحتاجة العالم,فى ظل السقوط بهذة السرعة(حتى مع فرض عدم تزايدها),لكى يتم سحق الحضارة تماماً؟؟
وكم من الشهور سنحتاجة إذا أخذنا تزايد السرعة فى الإعتبار؟؟
فى الأجزاء التالية من هذا الكتاب سوف نحاول تحديد ذلك,....وأيضاً سوف نتعمق فى شرح أسباب هذا التسارع فى السقوط,وخصوصاً دور واثر المقاومة فى
التأثير على شكل المنحنى,...كما أننا سنحدد بشكل أدق مدى رسوخ السرعة الحالية للإنهيار.
14)مغالطة كبرى
هناك الكثير من المغالطات المنطقية المرتبطة بموضوع الإنهيار والبناء,...وقد تكون أكثرها شيوعاً هى المغالطة الخاصة بالأثر المبالغ فيه للتفاؤل أو التشاؤم على النتيجة النهائية,...أو ما يسمى أحياناً بقوة التفكير الإيجابى,.......ومن المؤكد أن القارىء قد لاحظ قناعتى الكبيرة بالأثر النفسى وأهميته, بل قد يحس البعض بأنى أبالغ فيه,...ولكن الحقيقة أن الفكر الشائع الآن يبالغ فى هذا الأثر أكثر منى بكثير,إلى درجة تخرجه تماماً عن الحدود العلمية,.....
وأتذكر العبارة الشهيرة التى يعتز بها كل الأمريكان والتى جاءت على لسان الرئيس روزفلت فى ذروة أزمة الكساد العظيم,حيث قال: ليس هناك ما نخاف منه
غير الخوف ذاته.
وكأنه لا توجد أى عوامل أخرى يمكن أن تؤدى إلى التدهور الإقتصادى غير العامل النفسى.
والحقيقة أن هذة العبارة ليست مجرد موقف تاريخى قديم,بل مازالت لها نفوذ فى غاية القوة وفى أعلى مستويات القيادة حتى الآن,...
لقد ذكرت فى السابق أن الخطر النفسى هو أكبر خطر أمامنا,..ولكنى أعلم تماماً أن هذا الخطر لا يمكن مواجهته بمجرد رسم إبتسامة أكبر على الوجوه,أو تبنى بعض الأفكار المتفائلة,....فكما أشرت فى السابق فإن الحالة النفسية هى وليدة الظروف الحقيقية حولنا,مهما حاولنا إنكار ذلك وإدعاء التفاؤل,..فالعبرة هى بالحالة النفسية العميقة وليست بالحالة السطحية.
هذة المغالطة الكبيرة هى فى الواقع أقوى وسائل المقاومة المؤقتة للإنهيار,فالتفاؤل السطحى يؤثر إيجابياً بالفعل على كل شىء,ولكن فى المدى القصير فقط,....
ويبقى علينا بعد ذلك أن نجنى الثمار السلبية الخطيرة لهذا الإسلوب,بعد حين,....كما سنشرح بالتفصيل فى الأجزاء التالية.
15)مفارقة مدهشة
المدهش فى الأمر,هو أنه فى الوقت الذى تشيع فيه المبالغة فى دور العامل النفسى فى تحسن أوتدهور الإقتصاد,نجد أن الإستخفاف الشديد بحجم الخطر النفسى
على حياة الإنسان, لا يقل شيوعاً,.....فمعظم الناس ترى أنه إذا حدث فعلاً إنهيار للحضارة,فإن ذلك سيكون بسبب الفقر والمجاعات والأوبئة والعنف..وغيرها من الأخطار المادية,..ولكن بالتأكيد لن يكون بسبب الحزن والإضطراب النفسى وفقدان الثقة.

من المدهش حقاً أن نرى هذا الجمع بين النقيضين(المباغة الشديدة فى قوة الأثر النفسى,والإستهتار الشديد بالخطر النفسى),..ولكن فى الحقية أن الفكرتين يجمعهما شىء مشترك,..هو أنهما تعطيان مزيد من الإطمئنان والتفاؤل(حتى لو أتى ذلك على حساب الحقيقة),...فالمباغة فى قدرة العامل النفسى على إنتشالنا من أسوأ الأوضاع الإقتصادية,هى بالتأكيد فكرة مطمئنة,....وتصور أن أشد الأخطر التى يمكن أن نواجهها هى أخطار مادية فقط,هى فكرة مطمئنة أيضاً,حيث
أنها أخطار واضحة,يمكن التعامل معها بسهولة نسبية.
هذة مجرد أمثلة للتناقضات التى يتعايش معها عقل الإنسان فى العصر الحديث,...ومع الأسف فإن كم التناقضات المختزنة فى عقل الناس الآن هو كم مدهش.
16)ما مدى متانة البناء العقلى للإنسان فى العصر الحالى؟؟
عندما حدث الإنهيار الإقتصادى الحالى,إكتشف الناس أن هذا البناء المبهر للإقتصاد العالمى هو فى الواقع بناء بالغ الهشاشة,...
ولكن الحقيقة الأشد قسوة,والتى سوف يتم إكتشافها قريباً,هى أن البناء النفسى والعقلى للإنسان حالياً هو أكثر هشاشة بكثير من هشاشة البناء الإقتصادى.
الضغوط النفسية التى سوف تتزايد مع تزايد تدهور الظروف المادية سوف تفضح حقيقة الضعف البالغ للبناء النفسى والعقلى لإنسان هذة الحضارة,...
فإذا كنا قد خدعنا بالمظهر القوى للبناء الإقتصادى,فإن المظهر المتماسك للبناء العقلى للإنسان,قد خدعنا بشكل أكبر من ذلك بكثير,...وعندما نكتشف الحقيقة
ستكون الصدمة أشد بكثير من صدمتنا الناتجة عن إكتشاف حقيقة هشاشة البناء الإقتصادى.
لقد ذكرت من قبل أن العلوم الإنسانية والأساسية لم تحظى بالإهتمام الكافى أثناء صعود الحضارة الحديثة,...وهذة الثغرة الخطيرة هى أساساً ثغرة فى البناء العقلى والنفسى للإنسان,...فلو كانت هذة العلوم قوية بدرجة معقولة لما تركت مجال لهذا التعايش المخيف لهذا الكم الهائل من التناقضات داخل عقل الإنسان
فى العصر الحديث.
17)أثر الحالة النفسية للإنسان على صحتة الجسدية
لن يختلف الكثيرين على أن الحالة النفسية للإنسان توثر بشكل كبير على كفاءة إدارته لجميع شؤون حياته اليومية,..بدءاً من أداءه لعمله,..إلى حسن معاملته للآخرين,..إلى كفاءة قيادته لسيارته,....ولكن التأثير الهائل للحالة النفسية على صحة الإنسان الجسدية لا يحظى حتى الآن بالفهم الضرورى بين عامة الناس,
وذلك على الرغم من أن الأبحاث الطبية التى تؤكد ذلك,تكاثرت بشكل هائل فى السنوات الأخيرة.
إن الصدمة النفسية هى خطر قاتل بكل ما تحمله الكلمة من معنى,..وعدم الوعى بهذة الحقيقة يجردنا من أهم فرصة للإستعداد لما هو قادم.
فالعلاقة القوية بين أمراض القلب والإكتآب,على سبيل المثال,أصبحت من المسلمات العلمية الآن,..والعلاقة بين الصدمة النفسية والفشل القلبى الحاد هى من البديهيات.
إن الإنهيار النفسى الحاد,يمكن أن يقضى علينا قبل أن نواجه خطر الجوع أو العنف,..فلو صدق ما ذكرته من قبل عن الهشاشة البالغة للبناء النفسى والعقلى للإنسان حالياً,..فإن الحديث عن الخطط والإستعدادات لمواجهة خطر الفقر أو العنف, يصبح بلا معنى,..وأرى أنه سيكون كافياً أن نتخذ بعض الإحتياطات البسيطة
لكى نقى أنفسنا من هذة الأخطار المادية,....أما التركيز الأكبر فيجب أن يتمحور حول الإستعدادات النفسية والعقلية.
18)أهمية المتابعة المكثفة لأحداث العالم
من لا تتوفر عنده الفرصة للتعمق فى دراسات عن المستقبل,فعلى الأقل,يجب عليه أن يتابع ما يجرى حوله من أحداث بقدر الإمكن,..فهذة المتابعة سوف تخفف من وقع الأحداث الشديدة,عندما تحدث,.....ولكن مع الأسف,أعرف أن الكثيرين الآن قد قرروا تجنب هذا المتابعة بقدر إمكانهم,..وهو أمر سيريحهم مؤقتاً,ولكنه سيزيد من قوة الصدمة بعد ذلك.
والحقيقة أن الإحساس العميق للإنسان بالأهمية الكبيرة لهذة المتابعة,كان السبب الرئيسى فى حدوث ثورة الإتصالات والمعلومات,....
فلو لم يكن هناك طلب كبير على الوسائل الحديثة للإتصالات والمعلومات لما تحققت ربحية كافية للشركات التى تبتكر وتنتج هذة الوسائل والمنتجات,وبالتالى لما
كان من الممكن أن يتحقق الإنتشار والنجاح الكبير الذى حققته هذة الثورة التقنية والثقافية,.....
صحيح أن نفس هذة الوسائل تستخدم لأغراض أخرى,مثل الترفيه,..إلا أن الطلب المتولد عن الإحساس العميق لدى للإنسان بأهمية متابعتة لأحداث العالم بشكل مكثف وقوى,كان من الأسباب الأساسية لنمو الطلب على هذة المنتجات.
19)وسائل تقوية البناء النفسى والعقلى
إذا توافرت للإنسان فرصة للتزود بالمزيد من الثقافة والعلم,والتحلى بالشجاعة لمواجهة نقائصه النفسية والأخلاقية,..فإن ذلك سيكون أفضل وسيلة لمواجهة أخطار المستقبل.
ليس من العار,بل هو من الشجاعة,أن نواجه نقاط ضعفنا النفسية والعقلية,..وسيساعدنا على ذلك علمنا بأنها شائعة جداً الآن,....ويعلم علماء النفس والأطباء النفسيين أن مواجهة النفس والصدق معها هو المفتاح الأساسى لمعالجة أى ضعف أو قصور يعترى النفس والعقل,...فليكن الصدق(خصوصاً الصدق مع النفس),إذاً,مبدأنا الأساسى فى الأيام القادمة,...ولنبدأ بمحاولة مواجهة الحقائق الى نخشاها ونفتعل كل منطق مغلوط للهروب منها.
20)المجتمع الجديد
محاولة تصور صفات المجتمع الذى سيتخلف بعد الإنهيار هو أمر فى غاية الصعوبة,....وهناك الكثير من الأفلام السنيمائية والقصص التى حاولت ذلك,
ولكن المعلومات التى يمكن أن نستقيها من مصادر علمية,هى للأسف محدودة للغاية,....واتذكر قول أينشتين عندما سؤل عن صورة الحرب العالمية الثالثة,إذا قامت,فقال: لا أستطيع تصور ذلك,ولكن ما أعلمه هو أن الحرب العالمية الرابعة سوف تكون بالعصى والحجارة.
إن العجز الشديد فى السلع والخدمات المادية هو أمر مؤكد,...ولكن إذا كان الشخص ضعيف النفس والأخلاق لن يتمكن من البقاء,فإن ذلك يشير إلى مجتمع يتمتع بقوة نفسية كبيرة,...وفى هذا تعويض كبير لكل الأوقات الصعبة التى ستمر بالعالم.
21)العلاقة القوية بين سيناريو الإنهيار وصورة المجتمع الجديد
من المهم جداً أن نلاحظ أن صورة المجتمع الجديد ستعتمد بدرجة كبيرة جداً على سيناريو الأحداث التى سيتم بها الإنهيار,...وحيث أن سيناريو الإنهيار سوف يختلف من مجتمع إلى آخر,كما سنرى فى الأجزاء التالية,..لذلك فإن صورة المجتمع الجديد سوف تختلف من مجتمع إلى آخر.
فى الأجزاء التالية سوف نحاول التوصل إلى تصور معقول لصورة المجتمعات الجديدة,بناءً على دراسة الخصائص المميزة لكل مجتمع,والتى ستحدد تفاصيل سيناريو الأحداث الخاصة بهذا المجتمع.

الثلاثاء، 5 يناير 2010

Old paper 4
































This is part of the paper that I wrote in 1999





الجمعة، 1 يناير 2010

Old Paper 3




in 1999 I predicted that the peak of human civilization and the crash of the global stock markets were few months away